في البداية يجب ان انوه ان هذا
المقال ملخص لعدد من المقالات والكتابات التي تحدثت عن نفس الموضوع لذا اي تشابهه
بينه وبين غيره امر وارد جدا
... عندما نقرأ عن محاولات
فك وفهم لغة وحروف الإنسان المصري الاوّل ، (والعباقرة) الذين نجحت محاولاتهم في
هذا الانجاز الرائع ، نرى اسم واحد فقط ، وهو شامبليون الفرنسي ونمجّده عظيم
التمجيد ... وفي نفس الوقت نجد حذاءه فوق رأس اعظم ملك مصري في باريس فرنسا ، أمام
كوليج دي فرانس بجامعة باريس .. لذلك كان يجب أن نبحر قليلا في معرفة الجهود
المبذولة قبله من خلال عدة نقاط هي :
اولا :كيف وصلت لغة ورموز اجدادنا الى هذه الدرجة من السرّيّة ... ومن
هو المسئول والمستفيد مِن إخفاء معالمها ؟
·
الإجابة : الاحتلال
الإغريقي الروماني لمصر الذي استمر حوالي ألف سنة ، قام بإخفاء جواهر النظام
اللغوي المصري في طيات الزمان ... اول مراحل تدمير لغة وحروف أجدادنا المُشتقّة من
الطبيعة مباشرة ، والتي استمرت ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد ، كوسيلة التواصل
الاولى في مصر وذلك من خلال تطبيق النظام اللغوي الإغريقي وحروفه اليونانية ،
بدلاً من اللغة المصرية وحروفها الطبيعية الخلّابة ... بالرغم من ذلك أحتفظ كهنة
المعابد المصريين أثناء الاحتلال الإغريقي الذي استمر حوالي ثلاثمائة سنة ، وكذلك
قساوسة الكنائس القبطية أثناء الاحتلال الروماني الذي استمر حوالي سبعمائة سنة ،
بكل اسرار نظام اجدادهم اللغوي لغة وحروف، وقد أفادوا الباحثين العرب بذلك بعد
دخول الاسلام مصر في القرن السابع الميلادي .
ثانيا : لماذا حاول العرب فك رموز هذه الحضارة بعد ما عانته من تجاهل
وإخفاء ؟
·
وتجدر الإشارة إلى أن
العلماء العرب المسلمين قاموا بدراسات مهمّة للغات السائدة في عصرهم ، وللغات
القديمة التي اطلعوا عليها , فتحدّثوا عن مختلف نظم الكتابة اليونانية والسريانية
والمصرية القديمة ( الهيروغليفية ) والهندية والفارسية وغيرها . وكان مما دعا إلى
نشأة علوم الكتابة ودراسة الأقلام لديهم : تعريب الدواوين ، وازدهار حركة تعريب
العلوم ، وانتشار الكتابة والقراءة بسبب حضّ الإسلام عليهما ، وتشجيع الخلفاء
وغيرهم من أولي الأمر والأعيان للعلماء والمتعلّمين والمؤلّفين . كما درس العلماء
العرب أقلام التعمية ، ووضعوا مصنّفات فيها ، وكان مما ساعد في ذلك :
آ - وجودُ نصوص معمّاة في الكتب المنقولة
من اللغات الأخرى إبان حركة الترجمة إلى العربية، وعلى نحو خاصّ كتب الحكمة
والصنعة والفلك والروحانيات وغيرها ، مما اقتضى حلّ رموز تلك الأقلام .
ب - الحاجةُ إلى فهم المكتوب على المواقع
الأثرية كالبرابي والأهرامات والنواويس و الكنوز والخبايا والدفائن غيرها ، ومعلوم
أن بعضها كان مكتوباً بقلم معمّى .
·
... ومن أوائل الباحثين العرب
المكتشفين لمبدأ التصويت لرموز النظام اللغوي المصري ، في أوائل القرن الثامن
الميلادي ، هو عالم الطبيعة اليمني جابر ابن حيان ، الذي كتب مخطوطة الشهير ( حل
الرموز ومفاتيح الكنوز) ، وكذلك ذو النون (المصري) واسمه الحقيقي (ثوبان بن
إبراهيم) ، وله مخطوط ( حل الرموز وبرء الارقام في كشف أصول اللغات والاقلام )
القرن التاسع الميلادي ، ثم مخطوط ابن وحشية في القرن العاشر الميلادي ، والتي
تتمثّل اهميته في انه المخطوط الوحيد الذي تُرجم إلى اللغات الأوربية في القرن
التاسع عشر الميلادي، خلال الباحث اللغوي النمساوي جوزيف هامر بورجشتال ، كل هذه
المخطوطات العربية أكّدت مبدأ التصويت لرموز النظام اللغوي النتري الكيمتي
(الطبيعي المصري ) ، وذلك قبل توماس يونج الانجليزي ، وفرنسوا شامبليون الفرنسي ،
بحوالي ألف عام ... وهنا يجب علينا أن نؤكّد وننبُر الدور الرئيسي ، الذي قام به
القساوسة القبطيون في القرن السابع الميلادي ، كنبع المعرفة الأساسي للعلماء العرب
...
ثالثا : اعظم الانجازات التي توصل لها العرب في الكشف عن حقيقة النظام
اللغوي المصري؟
كان الجميع يعتقد ان هذه الرموز تصويرية
مفهومة ، وليست صوتية لغوية مسموعة ... في هذا الحين لم يكن يعلم أحد أن . الرموز
المصرية تتكلم تماماً مثل الانسان ، وتستطيع ان تحكي أسرارها بنفسها الى ان توصل كل
من الإدريسى والقلقشندى إلى أن الأبجدية المصرية القديمة احتوت ما بين 23
إلى 36 حرفا. ونجح ذو النون المصرى فى دراسة اللغة القبطية وقيمها الصوتية الصحيحة
منوها إلى أنها سليلة لغة المصريين القدماء. أما أبو القاسم العراقى (توفى عام
1341م) فقد نسخ لوحة كاملة من اللغة المصرية القديمة ونجح فى التعرف على أسماء
وألقاب أمنمحات الثانى. وابن وحشية وهو عالم عربى عاش فى العراق خلال القرنين
التاسع والعاشر الميلاديين ووصلت دقة دراسته للغة المصرية القديمة إلى درجة نجاحه
فى تمييز بعض العلامات الهيروغليفية كعلامات صوتية.
·
وبرغم كل هذه الجهود الا ان اهمها هو مخطوط
ابن وحشية ( شوق المُسْتَهام في معرفة رموز الأقلام ) في القرن العاشر
الميلادي ، والتي تتمثّل اهميته في انه المخطوط الوحيد الذي تُرجم الى اللغات
الاوربية في القرن التاسع عشر الميلادي، خلال الباحث اللغوي النمساوي جوزيف هامر
بورجشتال ، قبل وصول الحملة الفرنسية الي مصر وهي الترجمة التي يعتقد ان شامبليون
نفسه قد استعان بها ونقل عنها