- اهتم الباحثون في موضع التصوير ومكانته في الفن الاسلامي اهتماما علميا
وفنيا دفعهم الى البحث عن اصوله ومصادره وخصائصه واصالته بمقارنته بالفنون الاخرى
عند الامم والشعوب من غير المسلمين وخصوصا عندما وصل فن التصوير أوج عظمته في
العصور الاسلامية المتاخرة ابتداء من القرن التاسع الميلادي حين اصبح التصوير فنا
ذا طابع مميز يعكس ذوق الفنان المسلم ويصور قدرته الفنية وابداعه .
- ولما كان الفن بشكل عام صورا منتزعة من واقع الحياة الطبيعية او انعكاسا لا شعوريا
لوجدان وواقع الفنان ذاته ، كانت العلاقة بينه - بهذا الاعتبار - وبين الاسلام ـ
بوصفه فلسفه للحياة وعقيدة للانسان المسلم ونظاما للمجتمع الجديد موضع اختلاف
واجتهادات في الرأي بين جمهرة الباحثين والفنانين .
- فمن قائل بان الاسلام قد حرم التصوير وآخر معتقد بأن الاسلام قد حلله وشجعه ، ولا
تزال النظرة الى موقف الاسلام من التصوير متباينة عند الفقهاء والشيوخ متأثرة
بالاحساس الديني ويرى بعض الفقهاء المعاصرين ان فن التصوير تحريما وتحليلاً مقترن
بمبدا التوحيد فالشيخ عبد العزيز جاويش مثلا يعتقد بأن التحريم كان امرا وإقاً في
بداية الدعوة الاسلامية بسبب الخوف من العودة للشرك بالله ، والشيخ محمد عبده
لايجد في التصوير اي خطر على الدين لا من جهة العمل ولا العقيدة وهو بلا شك في
رأيـة هذا ينظر الى التصوير فنا انسانيا اذ يحرره من النظرة الدينية المحضة التي
لاتمت الى العقيدة او مبدأ التوحيد بأية صلة فالايمان الثابت والعقيدة الراسخة
لايمكن ان تتاثر بصورة من الصور واذا قدر له ان يتأثر فهو ليس بالايمان الذي صنع
التاريخ عن طريق التضحية والعمل
- ولم يمنع تضارب الآراء حول التحريم والتحليـل من اقدام الفنانين المصورين على مزاولة
التصوير على الخشب والزجاج والمعادن والعاج والخشب والمنسوجات والسجاد
وقد تجلت عبقريته ايضا في فن الكتابة حيث صدرت المخطوطات العلمية والادبية
والتاريخية
- وعلى الرغم من تضارب الآراء ايضا لم يمنع من ان بعض المصورين الفرس والاتراك اتخذ
من القصص القرآنية ومن حياة الرسول مواضيع ليرسمها وان اقدم صورة دينية ورد ذكرها
في كتب التاريخ ترجع الى القرن السابع الميلادي في الصين تمثل نوحا وموسى وعيسىي
ومحمدا يركب جملا رآها رحالة عربي اسمه ابن هبار ولكن لم ترد معلومات عمن قام
برسمها، ولكن اول صورة وصلت الينا للنبي محمد وردت في الجزء الحادي عشر من مخطوطة
كتاب الاغاني الذي صور في المدرسة العراقية وهو محفوظ في دار الكتب المصرية ، تمثل
النبي وبين يديه اسقف نجران
- وكتاب جامع التواريخ من المدرسة المغولية الايرانية يصور قصص الانبياء
وحوادث مهمة في السيرة النبوية ، وفي كتاب الاثار الباقية للبيروني صورة اخرى
للنبي تحيط برأسة هالة مدورة كاملة ويرجع تاريخ هذا المخطوط الى (1307 ـ 1308م)
ومحفوظ في جامعة ادنبرة
- ولعل من أهم
الأسباب و الدوافع التي اتجهت بالفنان المسلم الي التصوير هو حركة النقل
العلمية والترجمة والتطور الهائل في الطب وغيره من العلوم وهو الامر الذي لزم معه
تصوير الانسان و الكائنات الحية الاخري لتوضيح امور مثل التشريح و غيره
- اما عن اقدم
المخطوطات العربية التي وصلت الينا تعود الى القرن 11 م وقد اشارت بعض المصادر العربية
عن وجود مخطوطات عربية مصورة تعود الى القرن 8 م منها مصورات للخليفة العباسي
المأمون اجتمع في رسمها عدد من الحكماء صوروا فيها العالم بأفلاكه ونجومه وبره
وبحره ومساكن الامم والمدن ، كما ورد ذكر كتاب مصور لكليله ودمنه كان يملكه احد
القضاه ولكن لم ترد معلومات عمن قام برسمه او عن طبيعة ذلك الرسم
- وقد كان للاقاليم التي قامت فيها مدارس التصوير الاسلامية اثر كبير في رسومها وذلك في
بداية نشأتها ولكن هذه التأثيرات اختفت في القرن الثاني عشر والثالث عشر للميلاد
فظهرت تقاليد فنية موحدة سببها الارتباط الوثيق بين الاقاليم الاسلامية وسهولة
تنقل الفنانين ، كذلك تشجيع بعض الخلفاء والولاة وذوي الجاه للفنانين واستدعاؤهم
من بلد لاخر كان مدعاة لهذا التشابه الكبير في الاسلوب التصويري بحيث اصبح من
الصعب احيانا التمييز بين مراكز انجازها من العالم الاسلامي
#آثارنا_المنسية
0 التعليقات :
إرسال تعليق