الدور العلمي والأخلاقي لعلماء الآثار والمصريات المصريين
في الصراع التاريخي مع العدو الصهيوني
كتب د. محمد رأفت
عباس
من خلال ما أثير على
مدار الأيام الأخيرة من ضجة مصطنعة بين أوساط الآثاريين وعلماء المصريات والمهتمين
بتاريخ وحضارة مصر القديمة من المصريين حول لوحة انتصارات الملك مرنبتاح الشهيرة
بالمتحف المصري والمعروفة في أدبيات علم المصريات باسم " لوحة إسرائيل
" .. أقدم لحضراتكم هذا المقال الذى قد كتبته منذ أربعة أعوام في
بعض المواقع على شبكة الانترنت بعنوان " الدور العلمي والأخلاقي لعلماء
الآثار والمصريات المصريين في الصراع التاريخي مع العدو الصهيوني " ..
لازلت مصرا على أن علماء الآثار والمصريات المصريين لا يقومون بالدور العلمي
والتاريخي المنوط بهم تجاه الصراع مع العدو الصهيوني الذى يحاصرنا فيه العدو على
كافة الميادين والأصعدة العلمية .
ففي علم الآثار لازال الصهاينة يخوضون بنجاح تهويد علم الآثار من خلال
ما يسمى بالـ
Biblical Archaeology أو علم
الآثار التوراتى ، ويعمدون إلى الترويج له بنجاح بالغ وسط الأوساط العلمية الدولية
وفى مختلف الجامعات والمؤتمرات العالمية . ومنذ أيام الآثاري البريطاني الشهير ويليام ماثيو فلندرز بتــرى تمكن
الصهاينة من وضع بذرة التهويد داخل علم المصريات بشكل بالغ مستغلين في ذلك مجموعات
من الآثاريين الانجليز من ذوى النزعة الصهيونية .
ولعل سؤال البداهة الآن يكمن في كيفية المواجهة ، وأنا أجيب بشكل مبسط
في أن هذا الأمر لم يتحقق إلا بمحو المصطلحات التوراتية الصهيونية من علم المصريات
والحشد للمواجهة العلمية الحقيقية في هذا المضمار ، وهى مواجهة قائمة على العلم
والفكر ومقارعة الرأي بالرأي والحجة بالحجة والفكر بالفكر .
فكم أثاري أو عالم آثار مصري
أو عالم مصريات مصري لا يتبع العلماء الصهاينة في مصطلحاتهم ومسمياتهم ؟!.. وأضرب
مثلا بهذا في تلك اللوحة الشهيرة والمعروفة لدى العلماء والآثاريين والمتخصصين (
مع الأسف الشديد ) باسم لوحة إسرائيل Israel Stella والتي قد عثر عليها في عام 1896م بواسطة عالم الآثار الإنجليزي ويليام
فلندرز بتـرى في معبد الملك مرنبتاح الجنائزي بطيبة ، وكان سببا مباشرا في اطلاق
هذه التسمية عليها نظرا لزعمه بأنها الأثر المصري الوحيد الذى ذكر من خلاله اسم
إسرائيل في الآثار المصرية ، واللوحة موجودة بالمتحف المصري بالقاهرة تحت رقم (CGC 34052, JE.
31408) .. لماذا نسير ورائهم
ولا نسمى اللوحة باسمها العلمي الحقيقي وهو لوحة انتصارات الملك مرنبتاح The Great Victory
Stella of Merenptah ، نظرا لتلك النظرية
العلمية الصحيحة التي اثبتها عالم المصريات المصري الجليل الدكتور رمضان عبده على
من خلال دراسته لنصوص اللوحة ؟!!.
فمن خلال كتاباته وأبحاثه
المختلفة تمكن الدكتور رمضان عبده على من اثبات نظريته التي خلصت إلى أن النص
الموجود في السطر 27 من اللوحة وجاء فيه : « واستسلمت عسقلون وأخذت جازر ،
وينوعام أصبحت كأنها لم تكن ، وخرب ( سهل ) يزريل ولم يعد له بذور ... » أن ترجمة العلماء لكلمة « يزريل » بإسرائيل خاطئة ويرى أنها تترجم بـ « يسيرارو »
والمقصود بها سكان أو قبائل سهل يزريل أو جزريل ، وهو مرج ابن عامر من الناحية
الشرقية الشمالية من جبل الكرمل والذى يمتد من حيفا غربا إلى وادي الأردن ، كما
رأى أن وجود مملكة لإسرائيل على أرض فلسطين في هذه الفترة أمرا لم يظهر في النصوص
المصرية أو النصوص المعاصرة في منطقة الشرق الأدنى القديم على الإطلاق .
كان هذا الأمر الذى ذكرته هو مجرد معلومة على سبيل المثال لا الحصر ..
ويبقى السؤال متى يستطيع الآثاريين وعلماء المصريات المصريين مجابهة التحدي العلمي
الصهيوني وعقد هذه المؤتمرات المناهضة لصهينة الحضارة المصرية كما يتم محاولة
صهينة كل شيء في المجتمع المصري فكريا وسياسيا وأخلاقيا ، بل والوقوف بالمرصاد
أمام بعثات الأثرية الأجنبية ذات النزعات الصهيونية ومنعها من العمل في مصر ،
خصوصا في منطقة شرق الدلتا ، المعروفة توراتيا باسم إقليم جاشان ، وهو الاقليم
الذى شهد استعباد وخروج بنى إسرائيل من مصر .. ويبدو أن السؤال سيظل معلقا لفترة
طويلة مع الأسف الشديد نظرا للحالة المتردية التي يمر بها علم المصريات والعمل الأثري
داخل مصر
!
د . محمد رأفت عباس
0 التعليقات :
إرسال تعليق